لقاء مستحيل.. تستحمل تشوفه أكتر من دقيقة

ضيوف لقاء مستحيل


الطريقة الدعائية المدهشة التى أعلن بها عن برنامج "لقاء مستحيل" مهدتنا أننا بالتأكيد سنكون أمام عمل برامجى مدهش بقدر ما وصفته لنا إعلانات قناة الحياة، إنه الإنتاج الأضخم هذا العام وإنه سيغير مفهوم البرامج، من ضخامة فى الإنتاج، وتميز فى المحتوى وجرعة لا بأس بها من الإمتاع.

لقد توسم المشاهدون فى لقاء مستحيل محتوى متميز وجديد عن برامج "السفسطة" التى تنتشر على شاشات رمضان، وقدر من الإمتاع البصرى ولا مانع من وجود بعض المواقف الطريفة، خصوصا أن الدعاية للبرنامج كانت مصحوبة بصور نجوم الصف الأول الأكثر شعبية وهم يقدمون "كاركترات" لشخصيات تاريخية لم يقدموها من قبل وكان هذا جذابا لعين المشاهد.

ولكن الصدمة جاءت مع أولى حلقات البرنامج، ولكى لا يكون الحكم ظالما انتظرنا حتى نهاية جميع الحلقات حتى نكتشف فى النهاية أنك أمام عملا رتيبا ينضم إلى قائمة برامج الاستظراف التى تعتمد على الثرثرة والاسترسال، وإن كان صناع البرنامج قصدوا من اسم البرنامج "لقاء مستحيل" بمعنى لقاء يجمع بين النجم والشخصية التى يجسدها وهو لقاء مستحيل أن يحدث فى الواقع، إنما الحقيقة الواضحة أن المستحيل هو أن تحتمل الجلوس أمام هذا البرنامج الفقير فنيا أكثر من دقيقة واحدة، وهى الوقت الذى تبصر فيه الشكل البصرى للشخصيات الذى كان موفقا أحيانا ولم يحالفه التوفيق فى أحيانا كثيرة.

فتقديم النجوم فى هذه الأشكال هو مجرد "إفيه" بلغة السوق تم استغلاله بلا أى محتوى، حيث اعتمد صناع البرنامج على بريق الفكرة أن يقوم نجم بتجسيد شخصية تاريخية والتحدث بلسان حالها، خصوصا مع صعوبة تقديم مثل هذه الشخصيات فى أعمال سينمائية أو درامية لتكلفتها الكبيرة.

أما الاعتماد على الفكرة اللامعة وحده لم يكن كافيا، فقد جاء هذا على حساب محتوى البرنامج الذى جاء خاليا من أى نوع من إمتاع أى سواء تنويرى من خلال معرفة تفاصيل جديدة عن حياة هذه الشخصيات تذاع لأول مرة أو من خلال جرعة جيدة من الكوميديا، هذا ما ينتظره المشاهد الرمضانى، أما الحلقات التى تم تقديمها فأتحدى أن يكون أحد قد استطاع أن يستمر فى مشاهدتها أكثر من دقيقة، حيث تتضمن حلقات البرنامج جرعات متنوعة من ثقل الظل الاستثنائى، حتى الديكور الذى يبدو قاتما ومملا، لا يزيد عن كونه ديكورا لأى برنامج حوارى عادى، خصوصا عندما يذهب البرنامج إلى الحوارات الخطابية العقيمة.

وانقسمت حلقات البرنامج إلى نوعين من الحلقات، حلقات كوميدية اعتمدت على قدرات الكوميديانات الذين قدموها وغالبا ما كانت حواراتها هزلية تسخر من الشخصيات المقدمة، وجميع هذه الحلقات اعتمدت على الاستظراف وافتعال العبارات حوارات ضاحكة الارتجالية الأمر الذى أكد على ضعف الإعداد وتواضع ثقافة من كتب هذه الحلقات.

أما النوع الثانى من الحلقات، والتى قدمت شخصيات تاريخية معروفة بالشكل الحوارى المألوف، كان الحوار فيها باردا ومسترسلا، لحقائق مسلم بها فى التاريخ، وأقل مشاهد متواضع الثقافة يعرفها جيدا فما الجديد الذى قدمه البرنامج؟، خصوصا وأنها شخصيات ظهرت فى الأعمال الدرامية عدة مرات مثل شخصية الناصر صلاح الدين التى جسدها أحمد السقا، وبعيدا عن كون الملابس التى ارتداها السقا لا تعود أصلا إلى عصر صلاح الدين الأيوبى، إلا أن الحوار جاء به قدر كبير من الوعظ وقراءات مستهلكة لقضايانا العربية لا تخلو من المزايدات، حتى أداء السقا لم يكن شيقا بل كان به قدر كبير من الافتعال و"الفذلكة"، كما أنه قال عبارة قد تضعه فى حسابات كثيرة وهى "الحاكم المحبوب لا يحتاج إلى حرس". بدون الحاجة إلى الاسترسال فى تفاصيل هذا هو نفس الحال لباقى الحلقات شخصية "عبلة" التى جسدتها نشوى مصطفى وانحصر الحوار فى عبارات عبثية تبدو ارتجالية حول الحب بين زمان ودلوقت، أما شخصية كليوباترا والتى يعرض لها مسلسل فى نفس وقت عرض البرنامج، وجسدتها سيرين عبد النور دار الحوار حول مسلمات فى التاريخ لم يضف لها الحوار أى شىء وفى محاولة لكسر الملل كانت تغنى سيرين عبد النور بين الفواصل، ولا نعلم لماذا؟ وما هو دور الغناء فى إطار الحوار مع كليوباترا، وفى إطار الحب والعلاقة بين الرجل والمرأة دارت معظم هذه الحوارات، مع شجرة الدر الذى جسدتها إلهام شاهين وجميلة بوحريد التى جسدتها وفاء عامر والأميرة ديانا من تجسيد ريهام عبد الغفور وباقى الحلاقات الأخرى، أما لوسى التى جسدت شخصية ميمى شكيب فأخذت الحوار فى سياق جنسى حول جسم المرأة الذى يعجب الرجل أيام ميمى وحاليا والمضحك أن لوسى كانت تنتقد الكليبات العارية وهى أبرز روادها.

ربما الحلقة الوحيدة التى حملت قدرا من الكوميديا كانت للنجم رامز جلال التى قدم خلالها شخصية الحاكم بأمر الله وحملت أداء كوميديا متميزا وجرعة لا بأس بها من الإضحاك.

وإن كان هناك لأحد النجوم القدرة أن يتميز بين هذه الرتابة، فبالتأكيد أن عدم تميز الباقين يعود إلى ضعف الإعداد الذى اعتمد بنسبة كبيرة على المهارة الشخصية لكل نجم فيما ظهر الإعداد ضعيفا للغاية وكذلك سيناريو الحلقات الذى كان مكررا ومملا فى إيقاعه يعبر عن ثقافة متواضعة لمن كتبه.

شبكة تليفزيون الحياة قدمت برنامج لقاء مستحيل على أنه البرنامج الأضخم فى 2010 والذى سيغير مفهموم البرامج التليفزيونية، وأود أن أسأل من قالوا هذه العبارة، فيما يتمثل ضخامة إنتاج هذا البرنامج المتواضع جدا والذى يخلوا تماما من أى إبهار؟، وما هو الذى غيره هذا الإنتاج البرامجى فى مفهوم البرامج التليفزيونية؟ غير أنه "غير دم المشاهدين"، هذا مع العلم أن برنامج لقاء مستحيل هو الأقل فى المشاهدة والإعلانات بين برامج تليفزيون الحيا

0 التعليقات: