"ماما فى القسم" كوميديا المشاعر الجميلة تخصص يوسف معاطى

الكاتب الكبير يوسف معاطى له مفرداته الخاصة فى صناعة العمل الكوميدى والحوار وتركيبة الشخصيات وشكلها، فهى كلها ماركة مسجلة باسمه فى جمهورية الكوميديا، ومن الحلقة الأولى حتى الحلقة الأخيرة على الرغم من الملل الذى قد يضرب العمل الكوميدى بسبب البحث المتواصل عن أحداث تملأ 30 حلقة إلا أن يوسف معاطى غالبا ما يستطيع أن يشغل المشاهد بقضايا وهموم شخصيات مسلسله، حتى إذا لم تكن متواصلة الترابط على مدار الأحداث، أما فى مسلسل ماما فى القسم نحسب ليوسف معاطى براعته فى إعادة اكتشاف سميرة أحمد الكوميديانة التى قدمت الكوميديا "الفارس" لأول مرة فى حياتها وشخصي

لأستاذ جميل التى رسمت ببراعة فيما جمعت بين البساطة وعمق فى آن واحد، على الرغم أنها شخصيات ليست جديدة على الدراما، ساهم فى ذلك عبقرية النجم محمود ياسين والخبرة الكبيرة للنجمة سميرة أحمد الذى لابد أن نحترم فيها خوضها هذه المغامرة وخروجها عن نمط الأدوار الذى سجنها فيها الراحل أسامة أنور عكاشة.
تشعر مع الحلقة الأخيرة من مسلسل ماما فى القسم محاولة لاستنساخ الحالة الإنسانية التى حملتها أيضا الحلقة الأخيرة من مسلسل "يتربى فى عزو" وهى حالة درامية إنسانية فى تاريخ الدراما أن يكون محور العمل المكون من 30 حلقة بالكامل ترتكز فى الحلقة الأخيرة، وهذه الحالة كانت جديرة بأن تعاد فى أكثر من معالجة فهى جرعة درامية ثرية من الممكن أن يعاد تشكيلها فى أكثر من عمل.
وهو ما فعله يوسف معاطى فعلا، وإن كانت إمكانيات يحى الفخرانى أثقلت من مشاهد الحلقة الأخيرة ولكن النهاية فى الحلقة الأخيرة من ماما فى القسم نموذجا لمدرسة يوسف معاطى فى الكوميديا وهو منهج لا يتغير فى جميع أعمال يوسف معاطى فهو لا يعرف النهايات العادية، أو التى تحتمل المكاسب والخسائر لشخصيات العمل كحسب طبيعة الحياة، إنما كل شخصية فى العمل لابد أن تخرج رابحة وفى منتهى السعادة حتى لو كان هذا ضد المنطق أو طبيعة الأحداث، فالتحول الدرامى فى شخصيات معاطى لا يمكن أن يحدث إلا لشخصيات تفصيل فالأم مدام فوزية "سميرة أحمد" تحولت درامية 180 درجة فجأة وبدون تمهيد أو محطات فى التحول الدرامى من أم شرسة إلى أقصى حد حتى إنها فى إحدى الحلقات ضربت أحفادها بقسوة.
وتقف أمام ابنها إلى أم حنون تضحى من أجل ابنها الجاحد حتى تعطيه كليتها وتبدأ النهاية من رؤوف الذى بات متأرجحا معظم أحداث المسلسل بين موقف إخوته وحنينه لأمه التى تحول غضبها المستمر دون تمكنه من التقرب منها، وكذلك أخته "رانيا فريد شوقى" التى جاءت لمصالحة أمها على خلفية الأزمة المالية التى تعرضت لها هى وزوجها وهو دافع غير نبيل لمصالحة الأم وأخيرا فارس ابنها الأكبر "ياسر جلال" وهى شخصية فيها شبه كبير من شخصية ضابط أمن الدولة حسام فى مسلسل "يتربى فى عزو" الذى هرعت إليه أمه عندما علمت أنه ضرب بطلق نارى وكانت على استعداد أن تضحى بأى شىء من أجل إنقاذه وهو رد فعل مقبول على الأقل من منطلق التحكم الغريزى فى الأم، ولكن مشهد الصلح بينها وبين فارس جاء ضعيفا وعبارات مكررة حاول معاطى تعويض ضعف الحوار وافتعال المواقف باستخدام التأثير العاطفى لأغنية ست الحبايب واستخدام الأغانى القديمة أحد أهم أدوات معاطى، كما استخدم أغنية "تمر حنه" المقطع الذى يقول "سألت عنك فى كل ناحية وقالوا ماتت وقالوا صاحية، كنت شمعتنا كنت نور بيتنا" وإن كانت ردود 
   
الكاتب يوسف معاطى


الأفعال بشكل عام فى هذا المشهد طبيعية بعيدة عن الافتعالات المعتادة فى مثل هذه الأ
أما النهايات السعيدة فهى تخصص يوسف معاطى على طريقة الأفلام العربى القديمة التى نرى كل شخصيات العمل تتزوج بعض فى النهاية وكل المشاكل يتم حلها، ولا توجد مشكلة بلا حل عند معاطى فكل شخصية من شخصيات العمل تحل كل مشاكلها حتى لو كان هذا ضد المنطق وطبيعة الأشياء إذ يأتى تليفون إلى فوقية يخبرها أن زوجها لم يطلقها ثم كل واحد من الأبناء يأخذ زوجه أو زوجته حتى الأستاذ جميل يتزوج فوزية "كما قلنا كله لازم يتجوز كله"، وكل الشخصيات تتحول إلى قمة النبل بعد أن كانت فى قمة وضاعة الأخلاق مثل فارس الذى تنازل عن الوزارة مثلما يتنازل عن جنيه سلف وهو ضد طبيعة الإنسان الطبيعى، وكعادة معاطى أن ينهى الحلقة الأخيرة بأن الشخصية الرئيسية تعود إلى سابق عهدها وهى مسحة كوميدية لتودع لحلقة الأخيرة بآخر ضحكة ذلك عندما نرى فوزية تعود إلى أسلوبها المعتاد بالذهاب إلى القسم لتشكو وزيرى الثقافة والسياحة ورئيس مصلحة الآثار

وهى تشبه إلى حد كبير نهاية مسلسل "يتربى فى عزو" عندما عاد حماده ومعه حفيده إلى أكل الحلويات ومعاكسة الفتيات الصغيرات، نهاية "ماما فى القسم" كعادة يوسف معاطى كانت مغلفة بجرعة وفيرة من المشاعر الإنسانية الجميلة البعيدة عن مشاعر الحب بين رجل وامرأة، فهى مشاعر إنسانية حقيقة بين أم وأبنائها ورجل غريب جمعته الظروف بهذه الأسرة، فكوميديا المشاعر الجميلة تخصص يوسف معاطى ولكن على أية حال الدراما الكوميدية تدين ليوسف معاطى بمنهج كوميدى أثرى الدراما ماركة مسجلة باسمه.

0 التعليقات: